لقد خدمت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO)، كمنظمة غير حكومية، قضية الأرصاد الجوية الدولية لمدة قاربت ثلاثة أرباع قرن وكانت الحكومات وكان أخصائيو الأرصاد الجوية على حد سواء راضين بوجه عام عن هذا الترتيب. ولكن قُرب منتصف ثلاثينيات القرن العشرين بات واضحاً بشكل متزايد، على الأقل بالنسبة لمعظم أخصائيي الأرصاد الجوية، أن هذا الوضع لجهة تنسيق الأرصاد الجوية لا يتناسب مع الأهمية التي اكتسبتها الأرصاد الجوية ذلك الحين في سياق التطورات الاقتصادية والتكنولوجية الهائلة التي كانت تتحقق. وبحلول عام 1939، أُعدت مسوّدة اتفاقية أرصاد جوية عالمية جديدة (مسودة برلين) ولكن اندلاع الحرب العالمية الثانية أدى حتمياً إلى تأخير اتخاذ إجراء إضافي بشأن إقرارها. ومع ذلك تسنى تحقيق قدر من التقدم الإضافي - حتى أثناء تلك الفترة العصيبة - لأن الأمانة انتقلت إلى بلد محايد، هو سويسرا، في عام 1939، بعد اجتماع برلين بفترة وجيزة.
وكان عالم الأرصاد الجوية المتغير - والمثير - الذي نشأ بعد الحرب واضحاً في جدول أعمال اجتماع مؤتمر المديرين الذي عُقد في واشنطن في أيلول/سبتمبر 1947. فالقرارات البالغ عددها 400 عكست الطائفة الواسعة من المواضيع التي كانت قد نُظرت في اجتماعات اللجان الفنية والإقليمية في تورنتو في الشهر الأسبق، وهي شفرات الرصد ووحداته ورسومه التخطيطية ورموزه وأدواته وطرقه، وشبكات المحطات، والاتصالات اللاسلكية، وسلامة الملاحة الجوية، والإحصاءات المناخية، والمطبوعات والوثائق والتعليم والتدريب المهني والبحوث في مجال الأرصاد الجوية، والمسائل القانونية، والمسائل الإدارية. وعلاوة على ذلك، نوقشت أيضاً العلاقات بين المنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO) ومنظمة الطيران المدني الدولي، والاتحاد الدولي للاتصالات اللاسلكية، والهيئة الدولية لمراقبة الجليد. ولكن أهم مسألة بالنسبة للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO) بعد الحرب كانت وضعها وهيكلها.
وقد بدأت المساعي الرامية إلى حل المسألة في شباط/فبراير 1946، عندما طلب مؤتمر المديرين إلى اللجنة الدولية للأرصاد الجوية أن تعد دستوراً جديداً للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO)، يجعل تلك المنظمة هيئة حكومية دولية. وفي الوقت ذاته، طُلب إلى اللجنة أن تستعرض تكوين ووظائف اللجان الفنية وأن تنظر في الكيفية التي يمكن أن تصبح بها المنظمة الدولية للأرصاد الجوية مرتبطة بالأمم المتحدة التي كانت قد تشكلت حديثاً بدون أن ينال ذلك من استقلال المنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO) وطابعها. واستُخدمت مسودة برلين بصيغتها التي نقّحها الدكتور Hesselberg والدكتور Swoboda أثناء الحرب كأساس للاتفاقية الجديدة.
وجرى القيام بمهمة صياغة الاتفاقية في اجتماع اللجنة الدولية للأرصاد الجوية الذي عُقد في باريس في تموز/يوليه 1946. وبعد مناقشات كثيرة، اعتُمد ما سُمي مسودة باريس، 1946، وهي مسودة اتفاقية عالمية للأرصاد الجوية لها مرفقان، أحدهما يتضمن مسودة اللائحة العامة، والآخر يتضمن مسودة اللائحة الفنية. ثم قُدمت هذه المسودات الثلاث إلى المرافق الوطنية للأرصاد الجوية وحكوماتها من أجل دراستها.
ونُظر في التعليقات في اجتماع واشنطن لمؤتمر المديرين، إلى جانب أربع مسودات جديدة للاتفاقية، قدمتها كندا وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وفي نهاية المطاف، وبعد تسوية خلافات كثيرة وتبديد شواغل بشأن استقلال المنظمة الجديدة وطابعها العالمي، أُقرت بالإجماع الاتفاقية العالمية للأرصاد الجوية واتُخذ قرار يقضي بأن تسعى المنظمة الجديدة إلى الانتساب إلى الأمم المتحدة.
توقيع الاتفاقية ومولد المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO)
وقعت الاتفاقية العالمية للأرصاد الجوية في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1947 وبدأ نفاذها في 22 آذار/مارس 1950. وفي الفترة الفاصلة بين هذين التاريخين استمر عمل اللجنة الدولية للأرصاد الجوية، لا سيما بضمان تنفيذ القرارات والتوصيات الكثيرة الصادرة عن اجتماع واشنطن. وحصلت اللجنة أيضاً على الاعتراف بها من جانب الأمم المتحدة بوصفها الهيئة التحضيرية للمنظمة الجديدة. وبناء على ذلك شاركت اللجنة في أنشطة الأمم المتحدة ذات الصلة وعُقد الاجتماع الأخير لمؤتمر مديري المنظمة الدولية للأرصاد الجوية (IMO) في باريس في آذار/ مارس 1951 وأصبحت تلك المنظمة رسمياً المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في 17 آذار/مارس 1951.